الفرق بين «التكنولوجيا الحيوية - Biotechnology» و«التقنية الحيوية - Biotechnique»
التكنولوجيا الحيوية, التقنية الحيوية, الفني, مهندس التكنولوجيا الحيوية, بيوتكنولوجي, الفرق بين الفني والمتخصص في البيوتكنولوجي
• الفرق بين «التكنولوجيا الحيوية - Biotechnology» و«التقنية الحيوية - Biotechnique»
إنني لا أدعي المثالية عندما احاول التوضيح بمزيد من التفاصيل بعض أهم المصطلحات والمفاهيم، ذلك لأنني رأيت وأظل أرى حتى الآن كم الالتباسات التي تنتج عن الخلط بين المصطلحات، فتجد حتى بعض الأساتذة في جامعاتهم ربما لا يدركون حقيقة بعضها، فينقلون تعريفهم الخاطئ للمفاهيم للأجيال التالية دون وعي، فتنشأ بذلك أجيال محسوبة على المجال وهي في حقيقة الأمر تم تنحيتها من بادئ الأمر بفعل فاعل. حيث يخرجون إلى سوق العمل وهم لا يملكون أدنى درجة من درجات الوعي فيتسببون بإنحدار عام في مجال التكنولوجيا الحيوية نتيجة تأثيرهم السلبي على متخذي القرار بخصوص دارسي المجال، فتقل الثقة في المجال ودارسيه والجامعات التي تدرسه، وإنه أمر لو تعلمون عظيم.
ربما يظن البعض أن التكنولوجيا الحيوية هي نفسها التقنية الحيوية، وبسبب نقص العلم أيضا باللغة العربية ودلالاتها دعونا نترجم كلا المصطلحين لنعلم الفرق بشكل مبدأي، يتم ترجمة التكنولوجيا الحيوية على أنها Biotechnology ويتم ترجمة التقنية الحيوية على أنها Bio technique، لاحظ الفرق فكِلاهما ليس واحدا أبدا وهذا هو موضوعنا اليوم. مبدأيا نحن في المجالات التطبيقية العلمية لدينا نوعين من المصطلحات التي تصف التكنولوجيا التي نتعامل معها، بكل بساطة مثل أي لغة فيها المفرد والجمع، بإمكانكم القول بأن مصطلح التكنولوجيا أشبه بالجمع ومصطلح التقنية أشبه بالمفرد. ولكن هل ذلك هو كل الفرق بين Technology وبين Technique؟ بالطبع لا، هذه فقط محاولة مني للتبسيط، وانما التكنولوجيا تشير إلى مجموعة التقنيات القائم عليها مجال بعينه بالإضافة لإنه يعبر عن المفاهيم القائمة عليها تلك التقنيات، بمعنى أن تلك التقنيات تتحد معا تحت مظلة مجال ما وبينهم جميعا عامل مشترك في كيفية العمل. بالتالي لا يصح أن نقوم بالإشارة إلى تقنيات بعيدة كل البعد عن التكنولوجيا الحيوية ونقوم بإنسابها للمجال. يتم الاشارة للتكنولوجيا تحديدا الحيوية على أنها مجموعة التقنيات التي تتفق معا في تناولها للأنظمة الحيوية في محاولة لإتمام وظيفة ما.
التكنولوجيا أيضا تصف الشخص الذي يقوم بتنفيذها وكذلك الأمر مع التقنية، حيث أن القائمين على التكنولوجيا يُدعون في المسميات الوظيفية المختلفة Technologist، ما يعني أنه عالِم بالمفاهيم وآلية العمل لمُختلف التقنيات التي يتعامل معها تحت مظلة تلك التكنولوجيا. لذلك فهو قادر على استحداث مفاهيم جديدة ذات صلة أو ابتكار اليات عمل أو تقنيات جديدة مرتبطة أيضا بالتكنولوجيا. بمعنى أبسط، فإن هذا الشخص لا يقوم بمجرد التنفيذ أو استخدام التقنية وفقط ولكنه يعرف تماما على أي شيء مبنية تلك التقنية ويعلم كذلك نوعية المعارف والعلوم التي أدت إلى تلك التقنية والتي بإمكانه أن يستخدمها للتعديل أو التطوير عليها. أما التقنية وهي Technique، فهي تصف الآلية نفسها او الأداة التي يتم استخدامها من قِبل المتخصصين في مجال تكنولوجي بعينه، إلا أن هناك متخصصون في العمل بالتقنيات والأدوات فقط دون دراية بالعلم أو المعرفة الكامنة وراء تلك التقنية، فيطلق على تلك النوعية من المتخصصين المُسمى الوظيفي Technician بمعنى *فني* كما هو متداول في المسميات الوظيفية بمصر، والفني هو ذلك الشخص المتمرس الذي بإمكانه العمل على مجموعة من التقنيات المحدودة بحكم خبرته أو تمرسه عليها، ويعمل مستخدما تلك التقنيات والأدوات ولا يشترط فهمه للتكنولوجيا التي تتبعها تلك التقنية، بالتالي لا يملك الفني ما يكفي للتعديل أو التطوير على تقنية بعينها.
أعتقد الآن أننا فهمنا الفرق بين التكنولوجيا والتقنية الحيوية، وما يمكن أن نستفيده بعد فهم كل ذلك هو أننا كدارسين للمجال بدلا من التركيز على تعلم التقنيات، نقوم بالتركيز أكثر على تعلم التكنولوجيات وذلك ما سيقودنا لفهم أعمق وأداء إبداعي للتقنيات الحيوية المختلفة، ما سيساعدنا على تطويرها أو الإضافة لها. بمعنى أكثر وضوحا، بدلا من العمل في أحد المختبرات التي تعمل على التقنيات الحيوية في علاج السرطان، بإمكانك أن تهتم بتعلمها وإدارك مفاهيمها التكنولوجية وآليات عمل تقنياتها، وكنتيجة لفهمك بإمكانك أن تقوم بنفسك بتطوير علاج ماـ وتحصيل هذه النوعية من الاستفادة لا يأتي إلا بالاحتكاك الجوانب النظرية العلمية في المجال من خلال البحث والمحاضرات وحضور الفاعليات العلمية والتباحث مع العلماء. كذلك الأمر مع مجال مثل الخلايا الجذعية، لا يشترط أن تعمل أو تتدرب عليه لتفهم المجال، بإمكانك أن تفهم ماهية تلك النوعية من الخلايا؟ وما يعطيها هذه القدرات الهائلة؟ وكيفية استغلال تلك القدرة؟ وآلية عملها؟ وعندما تفهم كل ذلك ستتمكن ببساطة من التعاطي مع مختلف أنواع التقنيات الحيوية التي تتناولها في أي مختبر. إن الغريب في الأمر أن فهم التكنولوجيا سيعطيك مرونة هائلة في التطبيق على أي مجال، فما تتعلمه وتفهمه في الحيوان بإمكانك تطبيقه على الانسان، وما اتقنته في المجال الزراعي بإمكانك تطبيقه في المجال الصيدلي وهكذا. لأن التكنولوجيا الحيوية واحدة، والتقنيات تختلف، فلن يكون هناك أدنى مشكلة في تطبيق التكنولوجيا على أي مجال تطبيق بغض النظر عن اختلاف تقنياته.